الخميس 25 أبريل 2024
راصد إنتخابي
آخر الأخبار
مغاربة العالم - الجهة 13

«مازغان» المغربية: جدران تحكي أسرار القلعة البرتغالية

تابعونا على الفايسبوك

المقبرة الكبرى «سيدي مسعود» تراث الدارالبيضاء الدفين

كازا 24 السبت 7 أكتوبر 2017

أحمد‭ ‬أشعبان:عن مجلة «زمان»

تكشف‭ ‬المقبرة‭ ‬الكبرى‭ ‬‮«‬سيدي‭ ‬مسعود‮»‬‭ ‬عن‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬المنسي لمدينة الدار البيضاء، إذ‭ ‬تتوفر‭ ‬على‭ ‬أهم‭ ‬الأضرحة،‭ ‬وتعد‭ ‬بكل‭ ‬ثرواتها‭ ‬المعمارية‭ ‬والفنية‭ ‬والأثرية‭ ‬تراثا‭ ‬إنسانيا‭ ‬يعكس‭ ‬تاريخ‭ ‬المدينة‭ ‬والجهة‭.‬‬

أريد لحاضرة المغرب الكبرى الدار البيضاء، طمس تاريخها وإخفاء معالمها المعمارية والأثرية، عن قصد أو بغير قصد، وغدا الحديث عن آنفا قبل القرن الثامن عشر من الصعب إثباته ميدانيا وماديا على الرغم من حضور الإشارات النصية حول آنفا خلال العصر الوسيط.

حاول فريق من المؤرخين والباحثين، منذ 1986، حل لغز هذه المفارقة الغامضة بين أهمية المدينة الاقتصادية وطنيا وإفريقيا وعربيا وبين غموض تاريخها، وبتحد كبير استطاع فريق العمل الوصول إلى مجموعة من الاكتشافات الأثرية الجديدة كالبقايا الأثرية المنقولة بليساسفة والأخرى الثابتة بمساجد المدينة القديمة كمسجد السوق ومسجد الشلوح. فكان أهمها ما وقف عليه مؤخرا بمسجد ولد الحمرا. ثم الوصول إلى الدراسة المعمارية لعمارات بالمدينة القديمة والقرية الحبسية وبعض أحياء مدينة الدار البيضاء، ومن هذه الاكتشافات، مقبرة سيدي مسعود الكبرى.

اعتمد الفريق في معالجة هذا الملف على وثائق خطية سلمت له من طرف أسرة وحفدة سيدي مسعود، وعلى الرواية الشفوية والبحث الميداني. وساعد، في البحث، طلبة شعبة التاريخ ثم مسلك التاريخ والحضارة لكلية الآداب والعلوم الانسانية عين الشق في إطار الدروس التطبيقية الميدانية منذ 1994.

التوطين‭ ‬والطوبينيميا

إن الاسم المتداول للمقبرة هو: «مقبرة سيدي مسعود تادارت». تقع بالجنوب الشرقي لمدينة الدار البيضاء وتبعد عن مدينتها القديمة بأكثر من 9 كلم، تحيط بها مجموعة من الدواوير كالمزابيين أولاد موسى وأولاد بوعبيد وأولاد لحسن، وينتمي الكل لأولاد حدو على تراب مقاطعة عين الشق. وتعد المقبرة من أكبر مقابر الدار البيضاء حيث تنقسم إلى مقبرتين شمالية وجنوبية، على سفحين متقابلين، تفصل بينهما طريق شارع سيدي مسعود، وتحتل مساحتهما تقريبا 41000 متر مربع، ما بين مجالات الدفن النشيطة والأخرى من المقابر المنسية. ينسب اسم المقبرة ككل إلى اسم ضريح سيدي مسعود الذي يتموضع داخل المقبرة الشمالية من بين أضرحة أخرى. لا يُعْرف متى نسب الاسم للمقبرة خاصة وأنه لا يوجد اسم مقبرة سيدي مسعود في الخرائط القديمة، وهذا ما طرح صعوبة البحث في الوثائق الخرائطية، وفي المقابل تتضمن الخرائط النسبة إلى اسم ضريح آخر هو «سيدي علي الهجام» وهو من أهم العمارات بالمقبرة الشمالية. ويبقى السؤال: ما اسم المقبرة سابقا ؟، وكيف ومتى تحول الاسم من الاسم الأصلي إلى اسم «مقبرة سيدي مسعود»؟. ويظل البحث الطبونيمي يطرح هذه الأسئلة باحثا عن أجوبة لألغاز كثيرة. يحيط بالمقبرة جدار حديث البناء يفصلها عن «سوق حد سيدي مسعود» و الطريق الرئيسية رقم 11 الرابطة بين الدار البيضاء ومراكش، وطريق شارع سيدي مسعود. تشتمل المقبرة داخل هذا المحيط على، أولا:أضرحة ظاهرة للعيان بقببها، ثانيا: أضرحة أخرى، تم اكتشاف بقاياها بمحيط الأولى، ثالثا: شواهد قبرية ذات أهمية كبيرة منتشرة بالمجالات «المنسية» من المقبرة.

إن أول ما يستقبل الزائر للمقبرة، من جهة مدخلها الرئيسي، ضريح سيدي مسعود بعد الصعود عبر أدرج مبنية على سفح خفيف الانحدار، وتشرف الواجهة الأساسية ببابها الكبير للضريح على هذا الاستقبال. يصل النسب الشريف لسيدي مسعود بن بوزيان بن عيسى بن موسى بن معزوز إلى القاسم بن إدريس بن إدريس، المدفون بتدارت ووالده بتافلالت، لهم زاوية بالقنادسة شمال شرق المغرب، كما تفيد وثائق حفدة سيدي مسعود.

من الصعب الحديث عن تاريخ ديني أو اجتماعي أو سياسي مرتبط بشخص سيدي مسعود، فما تتوفر عليه الأسرة من وثائق يعكس تقدير واحترام المخزن لأسرة المسعوديين حفدة سيدي مسعود، وأقدم ظهير بين أيديهم يعود إلى السلطان مولاي الحسن الأول بن محمد وهو مؤرخ بعام 1292 هـ، يشير فيه إلى أن: «أحفاد الولي الصالح العارف بالله تعالى سيدي مسعود بن بوزيان القاطنين ببلاد مديونة حكم ما بأيديهم من ظهائر أسلافنا الكرام قدس لله أرواحهم…»، وتوالت ظهائر أخرى للسلطان محمد بن يوسف أو لبعض وزرائه كوزير التاج للمملكة المغربية محمد المختار السوسي مؤرخة في سنة 1959 الذي عين «مقدما على مشهد الولي الصالح سيدي مسعود بن بوزيان دفين قبيلة مديونة بالشاوية الشمالية، السيد أحمد بن محمد بن الحاج أحمد المسعودي». ويفهم من كلمة المشهد هنا إما ضريحا بقبة أو حوشا بحجارة تحيط بقبر في الداخل.

إن ما تحمله الرواية الشفوية بعين المكان، من أسرة المسعوديين أو من السكان المحليين،لا يمكن الاعتماد عليها على الرغم من حضورها في حالة غياب نص لإثباتها أو نفيها. تذكر الرواية، بالإضافة إلى كونه جد الشرفاء المسعوديين بمديونة، أنه قدم المنطقة زمن السلطان الأكحل وتسميه بالسلطان أبي عنان المريني (القرن 8هـ/14م)وأن سكان قبيلة مديونة التفوا حوله لانتمائه للبيت النبوي ولكراماته. وفي سياق الكرامات، كان للإبداع الخيالي المجال المفتوح لتحميل شخصية سيدي مسعود أكثر مما تحتمل. وتبقى ترجمة وتاريخ سيدي مسعود بالمنطقة يكتنفهما غموض كبير خاصة في علاقته بوليي الضريحين سيدي علي الهجام وسيدي البعمري الحارثي، وبالهجاميين الحداويين المالكين الأصليين للمقبرة ولأراضيها.

تعرض البناء لعدة تغييرات خاصة بعد الهزة الأرضية بالدار البيضاء سنة 1969، حيث تصدعت قبة الضريح فأعيد بناؤها بشكل يختلف عن الأصل. وأعيد أيضا بناء الضريح ككل في سنة 1995 وصمم بهندسة حديثة. يتكون الضريح حاليا من مركب بنايات يحتل الضريح الفعلي إلا نسبة أقل من 25 بالمائة من المساحة الإجمالية. تستقبلك الواجهة الأساسية وبها الباب المؤدي إلى الضريح وفوقه لوحة خضراء تحمل اسمه، ولكن على نفس الواجهة يوجد باب إلى اليسار يسمح بالدخول إلى قاعة الضيافة لاستقبال خاصة الضيوف خلال الزيارات الرسمية للضريح، وباب إلى جهة اليمين تؤدي إلى غرف الزوار للتبرك بالولي الصالح مع المبيت والأكل والإقامة.

يؤدي الباب الرئيسي إلى بهو مستطيل، تذكر الرواية الشفوية أن به قبور لأسرة المسعوديين، ومنه إلى ضريح قبر سيدي مسعود، المربع الشكل يتوسطه القبر وتحمل أربعة أعمدة السقف المجنح الذي يغطي الضريح. أما الغرف المرتبطة بالضريح فيتجاوز عددها 15 غرفة، ليس لها إلى الخارج سوى الباب الوحيدة على الواجهة الرئيسية. وفتحت باب ثانية صغيرة تربط بهو الضريح بالغرف. تختلف مساحة الغرف من غرفة إلى أخرى، حسب الطلب الفردي أو الأسري، وكل غرفة مؤثثة بأثاث بسيط.

ضريحا‭ ‬سيدي‭ ‬البعمري‭ ‬وسيدي‭ ‬الهجام

يقع ضريح سيدي الحارثي البعمري، الذي يحمل رقم 2، شمال غرب ضريح سيدي مسعود ولا يبعد عنه كثيرا، يفصل بينهما سفح خفيف الانحدار تغطيه القبور تاركة ممرا للراجلين.

الاسم الكامل لسيدي البعمري هو الشريف سيدي امحمد الحارثي البعمري الإدريسي، كما هو وارد على اللوحة الرخامية يمين باب الضريح. باستثناء هذا النص لم يقف فريق البحث على أي وثيقة ترتبط بترجمة الشريف، وتبقى الرواية الشفوية المتداولة بين الأشخاص المرجع. تختلف الرواية حول أصول البعمري الشريف الإدريسي بين مكناس ونواحيها خاصة بلاد أكوراي وسوس وبالضبط من تالوين، كان كثير الرحلة وافر العلم. مر بسيدي مسعود فانبهر هذا الأخير من سعة تجربته وعلمه فطلب منه الإقامة وتعليم أفراد قبيلة مديونة فمنحه مقابل ذلك أرضا للسكنى. وبوفاته بني ضريح على قبره اعترافا له بصلاحه وولائه. وجاء في نص اللوحة الرخامية: «بسم لله الرحمن الرحيم ،هذا ضريح الولي الصالح العارف بالله العامل بكتاب لله وسنته سليل الدوحة المحمدية الشريفة الشريف سيدي امحمد الحارثي البعمري الإدريسي المتوفى سنة 719ه نفعنا لله ببركته وتغمضه لله برحمته وأسكنه فسيح جناته والحمد لله». لا ندري ما مصدر هذه المعطيات الحديثة الوضع على الجدار خاصة التاريخ الوارد بها 719ه، لأنه لأول مرة نجد بالدار البيضاء وناحيتها تاريخا يؤرخ للعصر الوسيط، وهو لغز يبقى معلقا. يقدم بناء ضريح سيدي الحارثي البعمري، في مجمله، نوعين من العمارة: الضريح والغرف المرتبطة به، ليست له إضافات عصرية مثل ضريح سيدي مسعود. يحيط بالنوعين معا جدار له باب واحد مفتوح نحو القبلة أو الجنوب الشرقي. ويكون الجدار شكلا هندسيا مستطيلا يتوسطه الضريح المربع الشكل تعلوه قبة ثمانية الأضلاع تتلاشى فرشاتها الجيرية وكذا مواد بنائها لمحدودية ميزانية أصحابها المخصصة للعناية والترميم، ويحيط بالضريح 15 غرفة مختلفة المقاييس وبدون أبواب ووضعيتها متردية.

بينما يقع ضريح سيدي علي الهجام شرق ضريحي سيدي مسعود والبعمري، يبعد عنهما بحوالي 300 متر، شيد على سفح خفيف الانحدار، على طبقة صخرية كلسية صلبة. يلتصق به من الجهة الشرقية السوق الأسبوعي ليوم الأحد.

يوجد فوق باب الضريح كتابة منقوشة، مؤرخة في سنة 1064 ه/1653م، إنها أول وثيقة أثرية تعطي لمحة عن تاريخ للدار البيضاء قبل فترة سيدي محمد بن عبد لله. وجاء في نص الكتابة: «بسم لله الرحمان الرحيم وصلى لله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما بني هذا المقام على سيدي علي الهجام وسيدي عبد القادر بن إبراهيم وسيدي امحمد المزابي على يد سيدي الهجام بن محمد في شهر لله المحرم ذو القعدة عام أربعة وستين وألف ولله يبقى الفضل ويبق الحمد».

إن قراءة بسيطة للنص تبين أمورا شاذة ترتبط بهذا البناء، إذ وقف فريق البحث، لأول مرة، على ضريح يقام على ثلاثة أولياء «سيدي» أو ثلاثة أشخاص لأن مفهوم الضريح بالغرب الإسلامي هو بناء مربع الشكل يتوسطه قبر مركزي ويحمل البناء اسمه، وهنا ثلاثة أسماء والاسم المتداول هو سيدي علي الهجام لأن مشيد الضريح هو الهجام بن محمد، ولكن ما العلاقة بين الأشخاص الثلاثة؟.

معروف أن اسم الهجام هو نسبة لقبيلة الهجاميين أو الهجاجمة، وتقول الرواية إن سيدي علي جدهم أتى من الصحراء، والذي قام ببناء الضريح «المقام» هو الهجام بن محمد، فالهجام هنا اسم شخصي. الأمر الثالث هو تاريخ 1064ه، إنه تاريخ مهم جدا لتاريخ الدار البيضاء خاصة أننا نجهل كل شيء عنها خلال القرن السابع عشر الميلادي.

يأتي هذا التاريخ في سياق النزاعات والصراعات التي عرفها المغرب بين مختلف القوى المخزنية والمستقلة كمملكة فاس ومملكة مراكش، الزاوية الدلائية، الحركة العياشية التي كانت مع حركة الخاضر غيلان في الشمال تجول السواحل الأطلسية، إنه بالطبع تاريخ لا يفسر وضع ضريح على القبور الثلاثة ولكنه في السياق التاريخي خلال هذه المرحلة اتسعت ظاهرة السبعة رجال التي نعود إليها فيما بعد.

إن ما لا يفهم هو تموضع الضريح الحالي بموضع متطرف من المقبرة، وتؤكد الرواية أنه كان محاطا بالقبور من كل الجهات. يقدم البناء أيضا الضريح وملحقاته، ولكن الغرف الملحقة هنا تحيط فعلا بالضريح ولكن من خارجه، وأبوابها مستقلة وتشرف مباشرة على المقبرة. يتم الولوج إلى صحن الضريح عبر باب جنوبية شرقية وكباقي صحون الأضرحة تنتشر القبور على أرضيته وبعضها لا زالت شواهدها ملتصقة بالجدران.

باب الضريح مفتوحة نحو الشرق، عكس سيدي مسعود والبعمري، وفتحتها يعلوها عقد قائم على أرجل مستقيمة يحيط بها إطار، تحتل الكتابة السابقة الذكر جزءه العلوي. يحتل مركز الضريح المربع الشكل قبر مستقل بينما القبور الأخرى موزعة على أرضية الضريح، لا تفيد الرواية بأسماء القبور كما هو مشار إليه في الكتابة ولكن يبدو أيضا أن الهجام بن محمد وضع سيدي علي الهجام في الوسط. لا تتوفر الواجهات الداخلية والعقود الصماء على أي زخرفة بينما القبة الثمانية الأضلاع تحملها قبوات زوايا الضريح الأربعة وقاعدة مضلعة.

البقايا‭ ‬الأثرية‭ ‬لأضرحة‭ ‬منسية

تبين، من خلال تحريات فريق البحث المتكررة، أن مقبرة سيدي مسعود المنسية لم تكن أرضيتها تتوفر على الأضرحة الثلاثة فقط، بل استطاع الفريق الوقوف على بقايا بنايات أخرى من البناء الصلب وليس من البناء الهش (أحواش مفرد حوش) تخضع لقاعدة مقاييس الأضرحة أي بناء مربع أو مضلع بباب واحدة أو بدون باب و مفتوح على الواجهات الأربع بقبر رئيسي في الوسط، كل هذه البنايات مادة بنائها الأساسية هي الحجارة الطبيعية وقليلا ما نقف على حجارة مصقولة. ولا يتجاوز ارتفاع بقايا جدرانها 10 سم إلى 20 سم بمعنى أن البقايا على مستوى الصفر من السطح.

يصل عدد بقايا البناء إلى أربع وحدات بنائية، ولكن العدد يمكن أن يزيد بعد التنظيف المنظم والمضبوط، من الصعب أيضا ضبط مقاييسها نظرا لكثرة الأعشاب والردم من التراب والحجارة وفي بعض الحالات الأزبال. ومن غير المستبعد أن كل هذه الوحدات هي أضرحة تضاف إلى الأضرحة القائمة.

إن ما يثير الانتباه في هذه المجموعة التي تضم ثلاث أضرحة وأربع وحدات أنها تشكل عدد سبعة، توزعت تقريبا على شكل هلال أو نصف دائرة مفتوح نحو القبلة، انطلاقته من ضريح سيدي مسعود ونهايته في ضريح سيدي على الهجام.

إن العدد 7 والشكل الهندسي يطرحان أسئلة كثيرة على الميدان الأثري، الذي لا يمكن أن يجيب عنها إلا بعد التنظيف والحفريات، ولكن لا بأس من طرحها لتعميم طرح الإشكالية وبالتالي للفت الانتباه إلى أهمية هذا التراث الأثري ثم التاريخي فالثقافي .

تتوفر المقبرة على أهم أضرحة الدار البيضاء تاريخيا، لأنها عرَّفت، نسبيا على الأقل، على أصحابها بالوثائق أو بالنقائش، بينما تلك في المدينة القديمة أو خارجها، فإنه يُجْهل كل شيء حول وكل ما يتداول إسقاطات وإبداع مفتعل، كسيدي عبد الرحمن وسيدي القرواني وسيدي بليوط وسيدي بوسمارة وغيرهم.

ويُجهل أيضا تاريخ الدار البيضاء وناحيتها قبل مجيء السلطان سيدي محمد بن عبد لله وإحيائها وفتح مرساها. غير أن تاريخ 719ه وتاريخ 1064ه/1653م يعكسان محطات مهمة في تاريخ المغرب.

فقد عرفت البلاد، في القرنين السادس عشر والسابع عشر، حركة جهادية قوية خاصة بعد إعادة الفتح الايبيري واحتلال بعض الثغور المغربية، وخلالهما ظهرت بالمدن الساحلية المغربية عدد من الأضرحة الرمزية لظاهرة السبعة رجال التي تختلف عن تلك التي تتوزع بركراكة أو التي اختلقها وابتدعها السلطان المولى اسماعيل بمراكش، فهل لعدد سبعة أضرحة بالدار البيضاء علاقة بتوزيع السبعة رجال خاصة وأن إشارة مهمة للرواية الشفوية تذكر حول الأضرحة الثلاثة أن أصحابها كانوا «أصحاب»؟.

إن موضوع ظاهرة سبعة رجال بالمغرب لم تنل حظها من الدراسة الميدانية لرفع الغموض عن مختلف عناصرها. لمن تكن الأضرحة الأربعة ما دمنا لم نتوصل إلى أسمائهم؟ لماذا إهمال وترك سقوط الأضرحة الأربعة وأيضا الضريحين 3 و2 في وضعيتهما الحالية متداعيان للانهيار والسقوط؟