الأربعاء 8 ماي 2024
راصد إنتخابي
آخر الأخبار
مغاربة العالم - الجهة 13

بالڤيديو: تعرّف على تاريخ حي الأحباس بالدار البيضاء

تابعونا على الفايسبوك

معرض يحتفي بعبقرية معلمين وصناع شيدوا «محكمة الباشا» بالبيضاء

كازا 24 الأربعاء 16 ماي 2018

بقلم رشيد العمري/ و م ع

أبى الفنان العصامي عبد اللطيف فوزي إلا أن يوظف عدسة كاميراته السحرية لتخليد صور ثلة ممن كانوا وراء إخراج مبنى محكمة الباشا إلى حيز الوجود (1941-1952)، تكريما لعبقريتهم وما أبدعته أناملهم من لوحات فنية، ما تزال إلى يومنا هذا تشد، بحي الحبوس بالدار البيضاء، أنظار الزوار والسياح القادمين إليها من داخل المغرب وخارجه.

وقد جعل هذا الفنان، وهو إطار تربوي متقاعد (أستاذ اللغة الانجليزية)، من مقر هذه المحكمة، التي أصبحت حاليا مقرا لمجلس جهة الدار البيضاء سطات، محضنا لهذه الصور لعله يبعث فيها روحا جديدة تحكي عما تكبدته هذه السواعد من أبناء الوطن الأفذاذ لإخراج هذه المعلمة التراثية إلى حيز الوجود في انسجام وتنسيق تام مع عدد من الحرفيين التقليديين البرتغاليين، إلى جانب لمسة المهندس المعماري أوكيست كادي (1881- 1956) الذي التصق اسمه بهذا الصرح التاريخي.

ولم يكف ولم يكل الفنان فوزي عن القيام بدوره في أن ينقل لزوار المعرض، الذي نظم على مدى ثلاثة أيام (9-11 ماي الجاري) تحت شعار "من حجر وطين، ومن جبص وخشب، ومن حديد ونحاس ورياضيات .. معرض لتكريم المعلمين الذي شيدوا محكمة الباشا"، ما تنضح به هذه الصور القديمة التي ورثها أبا عن جد، حيث يحكي كيف ألهمته إحداها فكرة التكريم، وتؤرخ لمرحلة الانتهاء من بناء هذه المحكمة بعد 11 سنة من العمل، إذ اجتمع أفرادها لالتقاط صورة تذكارية تخليدا للعمل الذي قاموا به، مشيرا إلى أن فك شفرة أسماء المتواجدين بها كلفه نحو ثلاث سنوات من النبش في ذاكرة معارفهم، والبحث في ما تضمنته أمهات الكتب من قبيل كتاب المصمم الهندسي كادي "محكمة الدار البيضاء" الصادر في 1953، ويحكي فيه عن مرحلة من حياته، واصفا تعلقه بهذا المشروع الفاتن المعطاء.

وحاول عبد اللطيف فوزي، من خلال 24 صورة تضمنها المعرض، إظهار شموخ هؤلاء الأفراد المجهولين، وطبيعة الأعمال التي أظهرت ملكاتهم الإبداعية في مختلف الحرف، بدء من عملية التشييد إلى النقش على الجبص والخشب ونحث الزليج والزجاج وتطويع القطع الحديدية والنحاسية، رغبة منهم في صناعة الجمال.

ولم يقف في هذا المعرض عند هذا الحد، بل حاول أيضا عرض الأسماء والأفعال والأدوات التي كانوا يستعملونها قبل أن يستغنى عنها في يومنا هذا، معرجا على بعض اللوحات التي دون فيها طبيعة العلاقات المتميزة التي كانت تجمع بين المعلمين المغاربة والبرتغالين، إذ فضلا عن تقاسمهم اللمسات الفنية، كانت تجمع بينهم قطع الرغيف وكؤوس الشاي وتحية الإسلام.

وفي تعليقه عن ذلك، أبرز هذا الفنان العصامي أن هذه الالتفاتة هي فرصة سانحة لإطلاع الأجيال الصاعدة عما خلفه أجدادهم في المجال المعماري الأصيل، الذي تراعى فيه سلسلة من المواصفات الكفيلة ببعث السكينة والانشراح، كما تسعى إلى التحفيز على الانخراط في مثل هذه الحرف قبل اندثارها، وحتى تبقى شاهدة على الحضارة المغربية في مختلف تجلياتها، وخاصة في بعدها الفني والإنساني.

وأضاف، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المعرض شكل أيضا مناسبة للالتقاء بأبناء وأحفاد ومعارف وأصحاب هؤلاء الأعلام ومساعديهم، وذلك إسهاما في خلق فضاء لتجاذب الأفكار وتبادل المعلومات، حتى تكتمل عنده الصورة بما يليق بمقام هؤلاء المعلمين الذين قدموا من مختلف جهات المملكة، وكان شغلهم الشاغل كسب لقمة عيش شريفة، وإظهار أعمالهم الفنية كفسيفساء تتكامل فيها معالم الجمال والرقي.

ورأى أن هذا التكريم يبقى شيئا متواضعا في حق الجهودات التي بذلوها رغم قساوة الأوضاع التي كان يعيشها العالم في ظل الحرب العالمية الثانية، مما جعل عملية الحصول على الإمدادات شيئا صعبا لندرة المواد أو انقطاعها كمادتي الحديد والإسمنت، أو لصعوبة نقلها مما اضطرهم في غالبية الأحيان للاقتصار على استخدام المنتوج المحلي من قبيل خشب الأرز والرخام والحجر الجيري وغيرها.

وفي ما يخص هذا المبنى، الذي كلف إنجازه آنذاك نحو 3 ملايين فرنك فرنسي، فمساحته الأرضية تبلغ 6 آلاف و200 متر مربع، منها أزيد من 4 آلاف متر مربع مغطاة، ويتراوح علو أسقف طابقه الأرضي ما بين 5ر7 و12 مترا، ويشتمل على مكتب للاحتفال خاص بالباشا وقاعات للانتظار وقاعة صغيرة للصلاة وأخرى كبيرة للاستقبال، فضلا عن قاعات المحكمة الستة، والتي تنقسم بدورها إلى قاعات رئيسية ومكاتب مختلفة يبلغ عددها 64، مقسمة بين كل من الطابق السفلي والطابق الأرضي وطابق السدة والطابق الأول.

ومن أسماء المعلمين المغاربة المشاركين في تشييد هذا المبني بدار المخزن ومحكمة الباشا (مقر جهة الدار البيضاء سطات حاليا) كل من مولاي علي بن الطاهر علمي الحجوجي، ومحمد بن علال الحجوجي، وبن سالم الحجوجي، ومولاي أحمد بن عمر، وادريس الملوكي، والطاهر صفار، وعمر بن لحسن، ومحمد بن عبد الكريم، وبن سالم صفار، وعبد النبي ريفي، والعربي عمري، وعبد الرحمان عباد، ومحمد عباد، واحمد عباد، وعبد العزيز عباد، ومحمد لخميري، وعبد الكريم السلاوي، ومولاي أمبارك ، وعبد القادر بن التهامي مبشور، وعلي بن التهامي مبشور، ومحمد العمري، ومامون بن الحسين ،وسعيد بن محجوب.